قلّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وسام جوقة الشرف الفرنسي، في احتفال أُقيم في قصر الإليزيه في حضور عقيلة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون وعائلة ميقاتي.
وفي المناسبة، ألقى ماكرون كلمة متوجّهًا فيها إلى ميقاتي: "هذا اللقاء هو تقدير من فرنسا لشخصك ومن خلالك نحيي لبنان البلد الغالي جدًا على قلبنا، والفريد من نوعه.قبل عدّة أيام استذكرتم مرور خمسين عامًا على اندلاع الحرب الأهليّة، ولكن طموحات اللّبنانيين اليوم وآمالهم وآمالنا أيضا أن يسلك البلد طريق السلام والاستقرار والنمو والتعايش أيضّا بين الأديان والثقافات. والوسام الذي نقلدك إياه اليوم، نكرّم فيك رجل الدولة وبشكل خاص عملك خلال السنوات الأخيرة".
أضاف ماكرون: "دولة الرئيس نحن نعرفك منذ عدة سنوات، وأذكر بشكل خاص المرّة الأولى التي استقبلتك فيها في مكتبي الخاص وجهًا لوجه من دون مستشارين أو رسميّين. تحدّثنا يومها عما ينتظرك من تحديات وصعوبات في عملية النهوض بلبنان. وخلال كل السنوات التي مرت يمكنني أن أقدّر مدى حسك الوطني وشعورك بالمسؤولية، ونجحت في انجاز الانتخابات البرلمانية الاساسية للمسار الديموقراطي، ثم في المرة الثانية في ظرف اقليمي مضطرب حيث اعتمدت سياسة النأي بلبنان وحياده عن كل مشكلات المنطقة.
وفي خلال تسلمك رئاسة الحكومة للمرة الثالثة وكان لبنان يمر بأزمة سياسية ومالية صعبة بعد انفجار مرفأ بيروت. وقد نجحت في مواجهة التحديات، الواحدة تلو الاخرى، لا سيما الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لمدة سنتين، وما تخللها من شلل في عمل المؤسسات.وحرصت على محاورة الجميع متطلعا الى المصلحة العامة للبلد.
كما واجهت أيضا في العام 2024 حربًا عنيفة وغير عادلة ومدمرة، وأظهرت شجاعة.
طوال كل هذه السنوات كان لبنان محظوظًا بوجود رجل دولة، وطنيا بامتياز يحرص على انتهاج التوازن في الشأن العام ورجل سلام ايضا. واسمح لي ان اقول ايضا صديقا لفرنسا. وعلاقتك دولة الرئيس ليست فقط ديبلوماسية بل ايضا عاطفية وعائلية وثقافية وسياسية، وانت رجل فرنكوفوني.وقد عملت على الدوام لتعزيز العلاقات بين بلدينا والحرص على بلدنا، وايضا على لبنان الحر والسيد والتعددي.
فرنسا اليوم تقدّر كل هذا العمل، وانطلاقا من ثباتك في العمل لمصلحة بلدك وللاستقرار في المنطقة وللعلاقة الوطيدة بين بلدينا، يسرني ويشرفني ان اقلدك هذا الوسام".
ورد الرئيس ميقاتي بكلمة قال فيها: "السيد الرئيس، يشرفني كثيرًا أن أقف أمامكم اليوم لتلقي هذا التكريم المرموق. ومن خلال منحي هذا الوسام الرفيع، فإن هذا أكثر من مجرد تكريم شخصي تقدمونه لي: إنه شهادة على الصداقة الصادقة والدائمة التي تجمع بين بلدينا.
إن الحصول على وسام جوقة الشرف هو بمثابة الحصول على القليل من روح فرنسا - هذه الروح التي أشعت عبر القرون وألهمت العالم.شكرا لك من أعماق قلبي. لقد عملنا معًا، على مر السنين، بثبات وإصرار، لخدمة مصالح بلدينا. ولكن إلى جانب العلاقات الرسمية، هناك رابط شخصي عميق تم نسجه بيننا، صداقة حقيقية، مبنية على الثقة والاحترام المتبادل والوفاء الدائم.
هذه العلاقة الشخصية تعكس تمامًا العلاقة الحميمة التي ربطت دائمًا بين بلدينا: وهي علاقة تتميز بتاريخ مشترك وثقافة مشتركة وقيم نتقاسمها.
أنا أعلم كم ان فرنسا تعتبر لبنان غاليا عليها، كما هي غالية فرنسا على قلوب اللبنانيين. في أحلك الساعات، لم يكن لبنان وحيدًا أبدًا، فقد وقفت فرنسا دائمًا إلى جانبنا وقفة يقظة وتضامن واخوّة".
أضاف: "إن أتلقّى هذا التقدير منك شخصيا، فذلك له معنى خاص جدًا بالنسبة لي، لأنك، تجاه لبنان، لم تتصرف كرئيس دولة فحسب، بل استثمرت نفسك بالقلب، والإنسانية، والاهتمام الشخصي الذي تجاوز الأطر التقليدية للديبلوماسية.
لقد شرفتنا بحضورك في أصعب الأوقات، ليس رسميًا فحسب، بل كصديق حقيقي. وباعتباركم صديقاً لنا، فقد دعوتم المجتمع الدولي في عدة مناسبات إلى دعم بلدي الحبيب.
واليوم، وأنا محاط بأفراد عائلتي، أولئك الذين هم أعز الناس عليّ ،أدرك تمامًا الأهمية الرمزية لهذه اللحظة. ويشهد هذا الحضور أيضاً على المكانة الخاصة جداً التي تحتلها فرنسا في قلب كل لبناني: مثل المرساة الأمينة في العاصفة، لسفينة تتقاذفها الرياح.
أشكركم من أعماق قلبي على هذه اللفتة المؤثرة للغاية، والتي تصل مباشرة إلى قلوبنا وتظهر اللطف والصداقة التي لا تقدر بثمن بالنسبة لنا. شكرا لثقتكم.وشكرًا لك، قبل كل شيء، على هذه الصداقة الثمينة، التي أعلم أنها سوف تنمو أقوى.عاشت الصداقة بين فرنسا ولبنان".