logo
logo
logo

مقالات

كرة القدم في لبنان: واقع مزري والتّغيير لا مفرّ منه

كرة القدم في لبنان: واقع مزري والتّغيير لا مفرّ منه

حالة يأس تسيطر على كرة القدم اللبنانيّة. ربّما هو التعبير الأضق لتوصيف الجو العام السّلبي الذي نعيشه الكرة المحليّة، وقد تجلّى ذلك بشكل واضح من خلال نتائج المنتخبات الوطنية أخيرًا، لا سيّما المنتخب الأول، بعد الأداء المتواضع والنتائج المخجلة التي حقّقها في بطولة ما يسمّى "كأس القارات الدولية" في الهند أمام منتخبات متواضعة من جنوب شرق آسيا، ليخسر المباراة النهائيّة أمام منتخب الهند بنتيجة 2-0، ثم خرج أمام المنافس نفسه من نصف نهائي كأس جنوب آسيا.

 

ولم يكتفِ المسؤولون داخل الاتحاد اللبناني لكرة القدم في إهمالهم للّعبة، بل طال ذلك أيضا لاعبي المنتخب، الذين ما زالوا عالقين في الهند بعدما "نسي" المعنيّون حجز تذاكر طيران للعودة إلى بيروت فور خروجهم من كأس جنوب آسيا يوم السبت الفائت، وكان سيترتّب عليهم الانتظار حتّى يوم الخميس للعودة إلى ديارهم، قبل أن يتمّ حلحلة الموضوع بحسب معلومات "ليبانوس" لتعود البعثة مساء الثلاثاء.

 

كثيرة هي الأسباب التي أدّت إلى تراجع مستوى لبنان على خارطة كرة القدم في آسيا والعالم، لكن ما يجمع عليه الرأي العام الكروي من جماهير ونقاد ولاعبين ونجوم سابقين، أنّ الاتّحاد اللّبناني لكرة القدم، بجميع أعضائه، هو المسؤول الأول عن الواقع المزري الذي وصلنا إليه، هي سلسلة تراكمات من إهمال وفساد ومحسوبيات ومناكفات من الطبيعي أن تكون نتائجها وخيمة على الجميع، في الوقت الذي نشهد فيه تطورًا وتقدمًا على مستوى كرة القدم في مختلف دول العالم، حتّى في الدول التي تعاني من فقر وحروب ومشاكل شتّى، كالهند مثلًا الذي تجاوزت لبنان في تصنيف الفيفا الشهري، وحصلت على مكانه في التصنيف الثاني لقرعة تصفيات كأس العالم 2026.

 

ولا يخفى على أحد، أن التّعيينات داخل الاتحاد اللبناني لكرة القدم هي أسيرة المحاصصة السياسية بين الأحزاب والطوائف، حاله كحال كلّ المؤسسات الرسمية في البلد، لكن ليست هذه المشكلة بحد ذاتها، قد يكون هناك أشخاص محزّبين أصحاب اختصاص وقد ينجحون في تأدية المهام المنوطة بهم، إنما المشكلة تكمن في تعيين أشخاص لا علاقة لهم بكرة القدم، ولا في الرياضة، فكيف يمكن لرئيس بلدية، أو طبيب، على سبيل المثال لا حصراً، أن يتولى مهاماً لا علاقة لها باختصاصه، هذا هو الحال داخل الاتحاد اللبناني لكرة القدم، فأغلب الأعضاء، إن لم نقل كلّ الأعضاء، لم يكن لهم تاريخاً مع ملاعب كرة القدم، أليس من الأجدر أن يتولى زمام الأمور أصحاب الإختصاص كحال كلّ دول العالم؟. 

 

ويُعتبر الدوري اللبناني لكرة القدم من أسوأ الدوريات حالياً على مستوى آسيا والدول العربية، حيث تقام مبارياته في ملاعب لا تسع لأكثر من 1000 شخص، كجونية، العهد، صور وبحمدون، في الوقت الذي لا تزال فيه ملاعب صيدا، طرابلس، المدينة الرياضية وبيروت البلدي مقفلة. ورغم ذلك، تفاجأ الجمهور اللبناني أمس بتعميم أصدره الاتحاد اللبناني لكرة القدم، أعلن فيه رفع سعر تذكرة الدخول إلى المنصة الرئاسية للموسم المقبل لتصل إلى 5 ملايين ليرة لبنانية! أي ما يعادل حاليا 60 دولاراً! لملاعب أشبه بملاعب ميني فوتبول.

 

ولا شكّ أن الأندية أيضاً تتحمّل مسؤولية كبيرة فيما وصلنا إليه، والسبب واضح، هو انتخابها للأسماء والأعضاء نفسها في كلّ دورة انتخابية، وطبعاً هي مغلوب على أمرها، لأن التّعليمات والتّوجيهات تأتي من مرجعايتها السياسية والطائفية.

 

وما لا يعلمه كثيرون ربّما، هو أن الاتحاد اللبناني لكرة القدم حصل على دعم كبير من الفيفا في السنوات الأخيرة، كذلك من عائدات المشاركة في كأس العرب في قطر عام 2021، ولكن أين هي؟ لماذا لم تُستثمر في إصلاح الملاعب المهترئة؟ أين عائدات النقل التلفزيوني؟ أسئلة كثيرة تُطرح.

 

التّغيير أصبح واقعًا لا مفرّ منه، الحلّ يبدأ في استقالة الاتحاد اللبناني لكرة القدم وتعيين أشخاص أصحاب اختصاص، مع بناء مشروع مستقبلي يعيد الحياة إلى الكرة اللبنانيّة وتعيد قيمة لبنان الكروية أمام منافسيه في آسيا والدول العربية.