لارا عمرو
في فصل جديد من فصول التعدّي على الحريّات العامّة.. اقتحم عدد من الشبّان منذ أيّام معدودة عيادة خاصّة تُعنى بالصحّة الجنسيّة في طرابلس، بتغطية مُحرِّضة، والحجّة؟ مناهضةً لكلّ من يدعم المثليّة الجنسيّة ويروّج لها.
والجدير ذكره أنّ العيادة تعود لجمعيّة تُعرف باسم "مرسى"، وهي مختصّة بتقديم خدمات التوعية الجنسيّة والإنجابيّة بشكل شبه مجّاني لجميع الأفراد "بغض النظر عن التوجّه الجنسي"، بحسب تعبيرهم.
الطّبيعة البشريّة أثارت غضبهم
المضحك المبكي هو أنّ المجموعة المُقتحِمة تفاجأت بوجود "واقٍ ذكري" داخل العيادة، واعتبرت أنّ "الكبابيت" ليست من عادات المدينة. كما ركّزت على وجود إعلان "العادة عاديّة" ظنًّا منها أنّه يشجّع على "العادة السريّة"، بالرغم من أنّه يعني "الدورة الشهريّة"، ويشدّد على كونها أمرًا عاديًّا، وليست "تابو" مجتمعيّ ينبغي على المرأة أن تخجل منه.
تحت مسمّى "محاربة اللا أخلاقيّين" تظهر أخيرًا جماعات متطرّفة وتتعدّى بشكل علني لا على الحريّات الشّخصيّة فقط، بل على الوعي والثّقافة. فمن لا يزال يعتبر التوعية الجنسيّة خصوصًا للمراهقين في ظلّ موجة الاغتصاب، دليل على الفسق؟
هؤلاء نفسهم كانوا يتقاتلون على السّياسة وتتملّكهم الطائفيّة من أيّام، واليوم أصبحوا "شرطة أخلاقيّة".
ظاهرة جديدة: التعصّب المجتمعي
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبقها تعدٍ على ملهى ليلي كان يستضيف فنّاني "جرّ" أو ما يُعرف بالـ"دراغ كوين"، في الجميزة من قِبَل "جنود الرّب". إضافةً إلى حملة ممنهجة ضدّ "باربي" كانت تقودها جهات سياسيّة ومجموعات عديدة منها "جنود الفيحاء"، مع العلم أنّ كل من شاهد الفيلم أكّد أنّه لم يتطرّق إلى موضوع المثليّة لا من قريب ولا من بعيد.
أمّا هذه المرّة فتماديهم أوصلهم إلى مهاجمة المراكز الصحيّة والمستشفيات.
فهل ينبغي على الأطبّاء أن يبتعدوا عن التوعية الجنسيّة التي ستحمي كثيرين من الأمراض ومن الوقوع في فخّ التحرّش، فقط لأنّ هناك بعض المجموعات "حسّاسة" على الثقافة؟ وهل يجب على الأطبّاء أن يستثنوا أشخاص معيّنين خلال تقديم واجبهم تجاه المجتمع؟
يتسلّحون بالأديان والقيم الاجتماعيّة، العادات والتقاليد، ليضربوا ويتعدّوا ويهمّشوا أفرادًا في مجتمعهم.. ولكن منذ متى يدعوكم دينكم وتحثّكم أخلاقكم على اقتراف شتّى أنواع الانتهاكات بحقّ الآخرين؟ ألم يوصيكم المسيح بـ"أن تحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم أنا"؟ وإذا كان الله نفسه غفور رحيم، من أنتم كي تحاسبوا من في الأرض نيابةً عنه؟