منذ بداية الأزمة الاقتصاديّة التي اندلعت في لبنان عام 2019، وما رافقها من ويلات ونكسات طالت كلّ أطياف الشّعب اللّبناني، لا تزال سياسات المنظومة الحاكمة "مكانك راوح". فهي لا ترى المواطن إلاّ كبش فداء لسدّ عجزها عبر فرض ضرائب إضافيّة.
بعد المحروقات والاتّصالات والدّولار الجمركيّ وقريباً إنترنت أوجيرو، تفاجأ المواطنون في مختلف المناطق من ارتفاع كبير في فواتير الكهرباء التي ارتفعت من 30% إلى 100% في بعض المناطق مقارنة بفواتير الأشهر الماضية، أرقام أثقلت جيوب اللّبنانيّين التي أنهكتها فواتير مولّدات الأحياء أو قروض الطّاقة الشّمسيّة، لكن المستفزّ أنّ ساعات التّغذية لم تتحسّن إلا بنسبة ضئيلة جداً.
لا خطّة اقتصاديّة، ولا ضمانات جديّة لاستعادة أموال المودعين التي نهبتها المنظومة الحاكمة داخل سجون المصارف اللّبنانيّة.
لك أن تتخيّل أنّ المواطن الذي تبخّر جنى عمره داخل المصرف، أو الموظّف الذي تراجعت قيمة القدرة الشرائيّة لراتبه إلى أدنى المستويات، بات مُجبراً اليوم على دفع ضرائب إضافيّة للدّولة من جيبه الخاص، للحصول على خدمة إنترنت سيّئة أصلاً، وساعات تغذية لا تتعدّى الأربع ساعات يومياً. بينما لم يحرّك أحد من المسؤولين ساكناً لاستعادة الأموال المنهوبة والأموال التي حّولّت إلى الخارج قبل ثورة 17 تشرين، أو تلك التي تم اهدارها على مدار سنوات من الفساد والاهمال وسوء الإدارة داخل المؤسّسات والإدارات الرّسمية كافة.
ناهيك طبعاً عن الأعباء الكبيرة التي يتكبّدها المواطن للدخول إلى المستشفيات وارتفاع أسعار الأدوية وانقطاع بعضها.
ربّما من الأجدر على الدّولة اللبنانيّة، أن تحترم المواطن "المنهوب" والـ"مسحوق" عبر تخفيف الأعباء عنه وليس بزيادتها، والبحث عن خطّة اقتصادية تعيد أموال المودعين والأموال المنهوبة، ومن خلالها يتم سدّ العجز في قطاعات الاتصالات والكهرباء وغيرها.
فردّ الدّين لا يكون عبر سلب جيوب المواطن، فلا يمكن تخيّل هذا السيناريو في أي بلد في العالم، لكن في لبنان، بلد العجائب، بلد القبائل والطوائف، كلّ شيء سيئ بات مباحاً ومتوقّعاً للأسف، والضّحية هو الشعب الّلبناني.