أظهر تقرير حديث للبنك الدولي تراجعًا حادًا في النمو الاقتصادي في لبنان خلال عام 2024، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6% مقارنة بالعام السابق.
ويعود هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تداعيات الصراع المستمر، ممّا رفع إجمالي الانكماش الاقتصادي منذ عام 2019 إلى أكثر من 38%.
ووفقًا لتقرير "تفاقم الأعباء على بلد مأزوم" الصادر عن البنك الدولي، من المتوقع أن ينكمش النشاط الاقتصادي بنسبة 5.7% في 2024، أي خسارة تقدر بنحو 4.2 مليار دولار في الاستهلاك وصافي الصادرات.
ويَعكس هذا الانكماش التأثير المدمر للنزوح الجماعي والدمار وانخفاض معدلات الاستهلاك، فضلًا عن التحديات الاقتصادية التي لم يتم معالجتها، ممّا يبرز الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات شاملة واستثمارات موجهة في القطاعات الحيوية.
وأشار التقرير إلى أنّ هشاشة استقرار سعر الصرف في لبنان آب 2023، والذي يعتمد على زيادة تحصيل الإيرادات، والضبط المالي، والقيود على الإنفاق، ما يؤدي إلى تراكم فوائض غير منفقة في القطاع العام. لكن، هذا الاستقرار يعاني من تهديدات بسبب زيادة الإنفاق الضروري للحفاظ على الخدمات العامة ودعم جهود التعافي، ممّا قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية المتداولة أو استنزاف الاحتياطيات الأجنبية المتبقية.
كما توقّع التقرير تدهورًا في وضع المالية العامة للبنان نتيجة لارتفاع الاحتياجات التمويلية لتوفير الخدمات الأساسية وتلبية الحاجات الملحة، إضافة إلى انخفاض محتمل في إيرادات المالية العامة من الضرائب. وأبرز التقرير صعوبة الحصول على التمويل بسبب تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية، ممّا يسلّط الضوء على أهمية الشروع في إعادة هيكلة الديون لاستعادة القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
من جانبه، قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، إنّ الصراع أدى إلى صدمة اقتصادية جديدة للبنان الذي يعاني بالفعل من أزمة حادة. وأكّد على ضرورة الإصلاحات الشاملة والاستثمارات الموجهة لتجنّب التأخير في معالجة أولويات التنمية طويلة الأمد.
وأكّد كاريه على أهمية وضع خطة تعافي وإعادة إعمار شاملة لما بعد الصراع، مع اعتماد برنامج استقرار اقتصادي وإصلاحات طموحة لتعزيز الحوكمة وجذب التمويل اللّازم للتعافي المستدام على المدى الطويل. كما شدّد على ضرورة تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين أداء الخدمات العامة، وتعزيز رأس المال البشري من خلال الاستثمارات الموجّهة لدعم الإصلاحات المستدامة.