شهدت مدينة مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، بعد سيطرة الجيش عليها، موجة من الجرائم والانتهاكات البشعة ضد المدنيين، وفقًا لتقارير حقوقية وشهادات شهود عيان.
تعرّضت تجمّعات سكنية تُعرف باسم "الكنابي"، التي يقطنها غالبية العاملين في مشروع الجزيرة الزراعي، لحملة تطهير عرقي مروّعة. أسفرت هذه الحملة عن مقتل مئات المدنيين بطرق وحشية شملت الحرق، الإعدام الميداني، والرمي بالرصاص. كما تمّ توثيق حالات إلقاء أشخاص أحياء في النهر وتقييد آخرين ورميهم من فوق الجسور.
وثّقت منظمات حقوقية عمليات قتل واسعة استهدفت المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، مع تدمير المنازل والممتلكات. وانتشرت مقاطع فيديو مروّعة تظهر جرائم قتل وتعذيب علني، أبرزها مقطع لمقاتلين يذبحون مدنيًا في الشارع، وآخر يظهر جنودًا يلقون شابًا مقيدًا في النهر.
أكّدت التقارير الحقوقية أنّ هذه الجرائم نُفذت بخطط مسبقة، حيث سبقتها تهديدات علنية من بعض المقاتلين باستهداف المدنيين. ووصفت المنظمات هذه الأفعال بأنّها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
من جهتها، وصفت السلطات السودانية هذه الجرائم بأنّها "تصرفات فردية"، وتعهدت بمحاسبة المسؤولين عنها. لكن المنظمات الحقوقية أبدت شكوكها في جدية هذه التعهدات، وطالبت بفتح تحقيق دولي مستقل لضمان محاسبة الجناة.
السياق العام: صراع دموي ينهش السودان
تأتي هذه الجرائم في ظلّ تصاعد العنف في السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية في نيسان/أبريل 2023. أسفرت الحرب عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين، ممّا يعمّق الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد.
المطالب الدولية تتزايد لإيقاف الانتهاكات، بينما ينتظر الضحايا العدالة وسط مناشدات بمحاسبة مرتكبي الجرائم.