
كشفت شهادات حديثة لضباط وموظفين سابقين عن تفاصيل ما جرى في الأيام الأخيرة التي سبقت سقوط النظام السابق في سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2024، وما تخللها من إجراءات مفاجئة داخل مقار أمنية ودبلوماسية حساسة. وقال ضابط سوري سابق خدم داخل أحد المقار الأمنية التابعة للحرس الثوري الإيراني في دمشق، إنه تلقى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من ذلك الشهر — أي قبل ثلاثة أيام فقط من سقوط الحكم — طُلب منه خلاله الحضور صباح الجمعة إلى مقر العمليات في حي المزة فيلات شرقية لأمر هام.
وبحسب الضابط، فقد حضر عند وصوله نحو 20 ضابطاً وجندياً سورياً يعملون تحت إمرة الإيرانيين، حيث خرج القائد الإيراني المعروف باسم الحاج أبو إبراهيم ليبلغهم فوراً قائلاً إن بعد اليوم لن يكون هناك حرس ثوري إيراني في سوريا، وإنهم مغادرون. وجاء الإعلان بمثابة صدمة للعناصر السوريين الذين لم يكن لديهم أي تصور بأن الانسحاب سيُتخذ بهذه السرعة.
ويضيف أنَّ المسؤول الإيراني طلب منهم مباشرة إحراق وثائق حساسة والتأكّد من تلفها أمامه، إضافة إلى سحب الأقراص الصلبة من أجهزة الحاسوب. ثم أُبلغوا بأن كل شيء انتهى، ولن يكونوا مسؤولين عنهم بعد اليوم، وستصل هوياتهم المدنيّة خلال أيام. وتابع قائلاً إن المشهد بدا وكأنه مُعد مسبقاً، وأنهم كانوا يعلمون أن الأمور تسير في منحى سيئ، لكنهم لم يتوقعوا أن تصل إلى هذه المرحلة بهذه السرعة، فيما كانت السلطة السابقة تتراجع ميدانياً من حلب وصولاً إلى حماة. وقد حصل الضابط ورفاقه على راتب شهر مسبقاً قبل أن يعود كل منهم إلى منزله مذهولاً، لتنهار السلطة بعد يومين فقط فجر الثامن من كانون الأول ويفر الأسد.
وعلى المستوى الدبلوماسي، أكّد موظفان سابقان في القسم القنصلي بالسفارة الإيرانية في دمشق أنَّ القنصلية أُخليت بالكامل مساء الخامس من كانون الأول، وغادرت البعثة الدبلوماسية البلاد باتجاه بيروت. وأُبلغ الموظفون السوريون بملازمة منازلهم وصُرفت لهم رواتب ثلاثة أشهر مقدماً، فيما غادر عدد من الموظفين الحاصلين على الجنسية الإيرانية ليلاً برفقة ضباط كبار من الحرس الثوري.