logo
logo
logo

مقالات

كيف تبدو حركة الأسواق التجاريّة في موسم تمتزج فيه الأعياد مع وضعٍ أمني خطر؟

كيف تبدو حركة الأسواق التجاريّة في موسم تمتزج فيه الأعياد مع وضعٍ أمني خطر؟

-يارا برباري

 

بينما يستعدّ لبنان للاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة، يشهد الجنوب توتّراً أمنياً متصاعداً تزامناً مع الحرب الدائرة في غزّة، ما أدّى إلى تزايد المخاوف من انعكاس تداعيات التصعيد الراهن على الحركة الاقتصاديّة في الأسواق اللّبنانيّة. فبعد جولةٍ ميدانيّة في الأسواق التجاريّة، كيف بدت حركة التسوّق؟ 

 

كعادتها من كل عام، تزيّنت شوارع مدن لبنان كافة في زينة ميلاديّة وسط أجواء احتفاليّة، إلاّ أنّ الحركة الاقتصاديّة متباينة بين منطقة وأخرى.

 

جولة في المحال التجاريّة في المتن

 وفي جولةٍ ميدانيّة على أسواق فرن الشباك، الجديدة والزلقا، ظهرت الحركة خجولة، حيث أكّد لنا بعض أصحاب المحال التجاريّة في منطقة الجديدة أنّها لم تبلغ بعد المستوى المطلوب مقارنة مع الأعوام السابقة، لا سيّما بعدما بدأت تنشط في فصل الصيف الدورة الاقتصاديّة.

 

وتعود أسباب ذلك، وفقاً لوصف ريتا، صاحبة أحد المحال التجاريّة، إلى رداءة الأوضاع العامّة من جهة، وإلى خشية اللّبنانيّين من توسّع الحرب جنوباً على أراضي لبنان كافة من جهة أخرى. "فالحركة التجاريّة مرتبطة بطبيعة الحال في الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة السائدة، حيث باتَ اللّبنانيّ يدّخر أمواله لصرفها عند الحاجة فقط".

 

وبعد استكمال جولتنا في سوق الزلقا، لاحظنا أنّ وجهة المتسوّقين الأولى خصوصاً لدى فئات الطبقات الوسطى هي المحال التجاريّة البعيدة عن المجمّعات التجاريّة. وفي السياق، روى أحد الزبائن تجربته لموقعنا، قائلاً: "كنّا نلجأ سابقاً إلى المولات التجاريّة للتسوّق، لكن بعد تراجع قدرتنا الشرائيّة مع تدنّي قيمة رواتبنا، لم يعد باستطاعتنا شراء ملابس الماركات العالميّة، باهظة الثمن". وتابع: " فعلى الرغم من دولرة جميع العمليات التجاريّة في الأسواق، تبقى الأسعار هنا مقبولة مقارنةً مع أسعار المراكز التجاريّة العالميّة".

 

وفي أحد محال بيع الألبسة للأولاد، أكّدت سناء، أمّ لثلاثة أطفال، أنّ الأولوية تبقى في توفير مبلغ من المال في كل عام من أجل شراء ملابس العيد لهم وإدخال البهجة إلى قلوبهم. وتابعت قائلة: "لا شك أنّ الظروف الاقتصاديّة الصعبة منعت بعض العائلات من شراء الملابس لأولادهم إلاّ أنّ البعض يسعى عبر أبسط التفاصيل إلى إسعاد أطفاله وعدم حرمانهم من أدنى حقوقهم".

 

أمّا في فرن الشباك، فلا يختلف المشهد كثيراً عن باقي الأسواق، إذ أكّد بعض التّجار أنّ الظروف المحليّة والاقليميّة المحيطة غير مشجّعة على التسوّق. ففي الوقت الذي كان يعوّل فيه معظم أصحاب المحال على موسم الأعياد لتحقيق بعض الأرباح، اندلعت الحرب، ما انعكس سلباً على حجم المبيعات. وفي ظل تردّي الأوضاع المعيشيّة اليوم، أصبحت الملابس لدى بعض الناس من الكماليّات، ما يفسّر لنا الحركة الاقتصاديّة المشلولة في الأسواق اللّبنانيّة.

أمّا محال بيع الألعاب والهدايا الميلاديّة للأولاد، فتشهد حركة لافتة نوعاً ما نظراً لما يمثّله عيد الميلاد من رمزيّة خاصّة لدى الأطفال.

 

جولة في العاصمة بيروت

تعجّ أسواق وسط العاصمة بيروت، بالمستمتعين في زينة شوارعها وأجوائها الميلاديّة لكنّ أغلبيتهم لا يشتري. فالمحال التجاريّة الفاخرة، لا تزال كعادتها فقط، مقصداً للطبقات العليا في لبنان وهذا ما يؤكّد مجدّداً أنّ لكل طبقة من لبنان وجهة تسوّقها.

 

أمّا المولات التجاريّة، تشهد ككلّ عام، إقبالاً ضخمًا في هذه الفترة من الأعياد وهذا ما يبرّر بطبيعة الحال زحمة السير في الطرقات المؤديّة إليها. ومن الملاحظ أنّ المستوّقين داخلها هم من الفئات التي تتقاضى اليوم راتباً أو جزءاً منه بـ"الفريش دولار".

 

إذًا، لكل راتبٍ وجهته، وفي بعض الأحيان هناك رواتب لا وجهة لها! 
التقينا بأعداد كبيرة من اللّبنانيّين في المتاجر ولكن هذا ليس معيارًا للحالة الاجتماعيّة في البلد. فأصحاب الدخل المحدود أو من لا يعيلهم راتبهم حتّى نهاية الشّهر فيسمّوا بالفقراء، هم في بيوتهم، يشاهدون صخب العيد وعجقته من التلفاز. 
الماركات والمتاجر الفاخرة، تشتري بالدولار وتبيع بالدولار وهنا مساحة حرّة لأصحاب الدخل الجيّد والعالي. أمّا المتاجر المتواضعة فتشتري بالدولار ولا تعلم إن كانت البضائع ستحظى بزبائن أم ستتكدّس لشهر التخفيضات. 


أخيرًا، بالرغم من الظروف كافة، نجدّد آمالنا الراسخة داخلنا مع كلّ عيد، فالاستمرار والكفاح عنوان حياة اللّبنانيّ بالخطّ العريض، وفترة الأعياد دليل على ذلك!