- كتب أحمد نصرالله -
مع سريان مفعول الهدنة بين إيران وإسرائيل، عاد الحديث مجددًا عن احتمال تجدد المواجهات في الأيام القليلة المقبلة، وسط حالة ترقّب إقليمي واسع.
نهاية الجولة الأخيرة من القتال جاءت بشكل مفاجئ، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "نهاية سعيدة" للنزال. لكن عودة التصعيد قد لا تأتي تدريجيًا، بل من خلال ضربة إسرائيلية مفاجئة. فهل هذا محتمل؟
الجواب المباشر: نعم، وهذه أبرز المؤشرات على احتمال تجدّد المواجهة قريبًا:
1. فشل تحقيق الهدف الأساسي المتمثل بتدمير المنشآت النووية الإيرانية
من الواضح أن الضربات الأميركية لم تُحقق الهدف المعلن. فالإعلام الأميركي، بما في ذلك واشنطن بوست، أكد عبر تقارير استخبارية أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية كانت محدودة، وأن بعض الاتصالات الإيرانية الداخلية التي تم اعتراضها أكدت أن الخسائر كانت أقل بكثير من المتوقع.
أما نيويورك تايمز فنقلت عن مصادر أن الضربات طالت مداخل المنشآت النووية، لكنها لم تصل إلى تدمير المرافق الأساسية.
من جهتها، أشارت وكالات كرويترز، وأسوشيتد برس، وسي إن إن، وABC News إلى أن العملية الأميركية لم تُسفر عن تدمير المشروع النووي، بل أدت فقط إلى تأخيره، وهو ما قد يدفع إسرائيل لإعادة المحاولة.
2. غياب "الحرية الجوية" لإسرائيل في سماء إيران
على عكس ما هو حاصل في لبنان، غزة، الضفة الغربية، سوريا واليمن، لم يُفضِ اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران إلى منح إسرائيل حرية التحليق أو تنفيذ ضربات جوية داخل الأجواء الإيرانية. فلا عمليات اغتيال، ولا ضرب "أهداف مشبوهة"، ولا حتى تنفيذ طلعات استطلاعية بالطائرات المسيّرة. وهذا يُعدّ أمرًا غير مألوف بالنسبة لبنيامين نتنياهو، الذي اعتاد على حرية شبه مطلقة في المجال الجوي لدول المنطقة.
3. الحاجة إلى تهدئة دون الوصول إلى حسم
من الواضح أن الطرفين كانا بحاجة ملحّة لوقف إطلاق النار، وإن لأسباب مختلفة. إيران احتاجت إلى إعادة تنظيم صفوفها بعد موجة الاغتيالات التي طالت كبار قادتها، إضافة إلى استلام شحنات عسكرية من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، تضم أنظمة دفاع جوي وتقنيات تشويش متطورة، لمواجهة التفوق الإسرائيلي في الطائرات المسيّرة، وهي نقطة الضعف الأبرز التي كشفتها الحرب الأخيرة.
بالمقابل، كانت هنالك حاجة ماسة ومعلنة من إسرائيل لإعادة تذخير أنظمة الدفاع الجوي، والتي باتت مكشوفة بشكل خطير في الأيام الأخيرة، ما استدعى الموافقة على وقف إطلاق النار.
4. الحلم الإسرائيلي بربط تل أبيب بالقواعد الأميركية في العراق
في ضوء التطورات خلال العامين الماضيين، يبدو المشروع الإسرائيلي واضحًا: إنشاء ممر إمداد يمتد من إسرائيل مرورًا بسوريا، وصولًا إلى القواعد الأميركية في العراق. لكن نتائج الجولة الأخيرة من القتال مع إيران أظهرت أن الأرضية لهذا المشروع ما تزال غير مهيّأة، ما يعني أن تل أبيب بحاجة إلى تغيير موازين القوى في المنطقة لتحقيق هذا الهدف.
5. إيران في حالة تأهب قصوى منذ وقف إطلاق النار
تشير وسائل إعلام إيرانية إلى أن القوات المسلحة في البلاد لا تزال في حالة تأهب منذ إعلان وقف إطلاق النار. كما عكست تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين حالة انعدام الثقة تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، إذ لو كانت إيران ترغب فعلاً بإنهاء الحرب، لأعلنت – كما زعم ترامب ونتنياهو – أن منشآتها النووية قد دُمّرت بالكامل، وأنه لم يعد هناك مبرر للعقوبات والقيود الاقتصادية. لكن العكس حصل، إذ أكدت طهران أن مشروعها النووي لا يزال قائمًا، وأن الأضرار كانت محدودة، ما يُنذر بجولة مواجهة أخرى.
6. تأجيل محاكمة نتنياهو وتدخّل ترامب
تدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتأجيل جلسة محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن خطوة عابرة. فكما أثبتت التجارب السابقة، كلما اتُّخذت مثل هذه الإجراءات، كان هناك أمر كبير يتم الإعداد له خلف الكواليس.
في المحصّلة، تبقى هذه المؤشرات ضمن إطار التقديرات، وقد يطرأ حدث مفاجئ يقلب الموازين أو يؤجل الجولة المقبلة من القتال، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الحرب قد تعود في غضون أيام.
المصدر: مقال رأي