عادت الولايات المتحدة والصين إلى طاولة المفاوضات في ستوكهولم، في مسعى جديد لاحتواء التوتر التجاري القائم بينهما، والسعي إلى تمديد الهدنة الجمركية لثلاثة أشهر إضافية، تفاديًا لعودة التصعيد الذي يُهدد الاقتصاد العالمي.
يواجه الطرفان موعدًا نهائيًا في 12 آب للتوصل إلى اتفاق دائم حول الرسوم، بعد اتفاقات أولية سابقة تم التوصل إليها في أيار وحزيران، أوقفت سلسلة من الإجراءات العقابية المتبادلة، أبرزها الرسوم الجمركية ووقف تصدير المعادن الأرضية النادرة.
تأتي هذه المباحثات بعد يوم واحد من إعلان واشنطن عن اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، تضمن فرض رسوم بنسبة 15% على معظم صادرات الكتلة، إلى جانب التزام أوروبي بشراء طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار، وضخ استثمارات في الولايات المتحدة بنحو 600 مليار دولار.
ولا يُتوقع أن تُسفر المحادثات مع بكين عن اختراق مماثل، غير أن محللين أشاروا إلى احتمال التوافق على تمديد جديد للهدنة، يجنّب العالم مزيدًا من الاضطراب، ويفتح الباب أمام لقاء محتمل بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ في الخريف المقبل.
رفضت وزارة الخزانة الأميركية التعليق على ما نشرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" بشأن امتناع الجانبين عن اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة طوال فترة التمديد، فيما أفادت تقارير أخرى بأن إدارة ترامب جمّدت مؤقتًا القيود على صادرات التكنولوجيا لتفادي عرقلة المفاوضات.
تُحضّر واشنطن لفرض رسوم جمركية جديدة تستهدف قطاعات صينية رئيسية، منها الرقائق الإلكترونية، والمعدات الدوائية، والرافعات الصناعية. وقال ترامب للصحفيين: "نحن قريبون جدًا من اتفاق مع الصين. توصّلنا إلى نقاط مشتركة، لكنّ الأمور لا تزال قيد الاختبار".
كما ركزت المحادثات السابقة في جنيف ولندن على إعادة تدفق المواد النادرة، وتقليص الرسوم المتبادلة، دون التطرق إلى الملفات الهيكلية الأعمق التي تُثير الخلاف، وعلى رأسها النموذج الاقتصادي الصيني المعتمد على التصدير، والضوابط الأميركية على التكنولوجيا المتقدمة.
واعتبر سكوت كنيدي، الخبير في الشأن الصيني، أن هذه الجولات ليست أكثر من محاولات لتثبيت العلاقات مجددًا قبل الدخول في مفاوضات أكثر جدية، مشيرًا إلى أن تمديد الهدنة يُعد السيناريو الأرجح في الوقت الراهن.
ألمح وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى رغبة بلاده في أن تُعيد الصين توجيه اقتصادها نحو زيادة الاستهلاك الداخلي، وهو مطلب أميركي متكرر منذ سنوات.
تبدو المفاوضات مع الصين أكثر تعقيدًا من غيرها، لا سيما في ظل سيطرة بكين على سوق المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في صناعات حيوية، وهو ما يمنحها ورقة ضغط في وجه الشركات الأميركية.
وأكد ترامب أنه سيُقرر قريبًا زيارة محتملة إلى الصين، لكن أي تصعيد جديد قد يُطيح بهذه الخطوة، في وقت تُطالب فيه بكين بتقليص رسوم تصل إلى 55% على معظم وارداتها إلى أميركا، وتخفيف القيود على التكنولوجيات المتقدّمة.
وتأمل الصين أن تسهم هذه الإجراءات في تقليص العجز التجاري الأميركي، الذي بلغ نحو 295.5 مليار دولار خلال عام 2024.