
علّق النائب جميل السيّد على الجدل الواسع الذي أُثير في لبنان حول قضية المدعو «أبو عمر»، مقدّمًا مقاربة مختلفة لما جرى عبر منشور له على منصة «إكس»، اعتبر فيه أن القضية لا تشكّل حدثًا استثنائيًا في الحياة السياسية اللبنانية، بل تكرارًا لنموذج مألوف عرفه البلد منذ عقود.
السيّد أبدى استغرابه من موجة الضجيج المفاجئة، لافتًا إلى أن الشخص المعني، الذي ادّعى أنه أمير سعودي على صلة بدوائر الحكم في المملكة، لم يبتدع أسلوبًا جديدًا، بل سار على خطى سلسلة طويلة من الشخصيات التي لعبت أدوارًا مشابهة في مراحل سابقة. ووفق ما أشار إليه، فإن التنسيق مع رجل دين واستخدام وهم النفوذ الخارجي شكّلا وسيلة للاحتيال على سياسيين لبنانيين طامحين إلى مواقع أو أدوار رسمية.
تزامنت مواقف السيّد مع التحقيقات الجارية في القضية، والتي كشفت أن «أبو عمر»، وهو لبناني، نجح خلال الفترة الماضية في إقناع سياسيين ومسؤولين ورجال أعمال بامتلاكه علاقات نافذة داخل المملكة العربية السعودية، وبقدرته على فتح قنوات تواصل مباشرة مع مراجع رسمية هناك، مقابل مبالغ مالية كبيرة. غير أن الشكاوى المتقاطعة سرعان ما أدّت إلى انكشاف أمره وتوقيفه، ما فتح الباب أمام اهتمام سياسي وإعلامي واسع.
كما استعاد السيّد محطات سابقة من التاريخ السياسي اللبناني، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت، وخصوصًا خلال الحقبة السورية، ظهور أكثر من نموذج مشابه، أحيانًا تحت تسمية «أبو عمر» وأحيانًا «أم عمر»، لعبوا دور الوسطاء بين الطامحين للنيابة أو الوزارة وبين شخصيات نافذة في تلك المرحلة، معتبرًا أن الظاهرة لم تختفِ بقدر ما تبدّلت وجوهها وأدواتها.
وأضاف أن المشهد لا يزال يتكرّر حتى اليوم، إذ ما إن يصل سفير أميركي جديد إلى لبنان، حتى يظهر شخص يدّعي القرب من السفارة الأميركية، ويتحوّل إلى محطة يقصدها الباحثون عن نفوذ أو حماية سياسية، في إعادة إنتاج مستمرة لثقافة الوساطة والنفوذ المزعوم.
وفي موقف أثار جدلًا واسعًا، رأى السيّد أن أمثال «أبو عمر» لا يتحمّلون وحدهم المسؤولية، معتبرًا أنهم لا يستحقون الملاحقة الأمنية أو القضائية حتى في حال تقدّم المتضرّرون بادعاءات، لأن القانون، على حد تعبيره، «لا يحمي المغفّلين»، ولأن الطموحات غير الواقعية لبعض اللبنانيين تفتح الباب أمام هذا النوع من الاحتيال السياسي.
وختم السيّد بالتأكيد أن «أبو عمر» الحالي لن يكون الأخير في لبنان، كاشفًا أن كواليس السياسة لا تزال تشهد ولادة نماذج مشابهة في أكثر من اتجاه، طالما أن الطموح الأعمى يعطّل القدرة على التمييز ويمهّد الطريق أمام استمرار هذا النمط من الظواهر.