ماري-جوزيه السّاحلاني
يصادف اليوم الذّكرى الثّانية والثّمانين لاستقلال لبنان، يوم لم يمرّ بهدوء وسكينة. إذ احتفل لبنان باستقلاله على وقع الغارات والاغتيالات. إذ نفّذت إسرائيل في السّاعات الأخيرة سلسة من الغارات من الجنوب إلى البقاع.
استقلال في ظل الاحتلال
هل يمكن أن نتحدّث عن استقلال في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس في الجنوب؟ واختراق السّيادة اللّبنانيّة كل يوم؟
عن أي استقلال نتحدّث إذا كان الطيران الإسرائيلي يحلّق بشكل شبه دائم في سماء لبنان؟ ودولتنا عاجزة عن تحرير الجنوب؟ فكيف نحتفل ونحن لا نمتلك كامل الـ10452 كم مربّع؟
خمس نقاط محتلّة في الجنوب لم تنسحب منها إسرائيل حتى اليوم.
1. تلة العزية التّي تبعد حوالي 2 كم عن الحدود، وتشرف على نهر الليطاني من جهة لبنان.
2. تلة العويضة وتقع بين العديسة وكفركلا، وتعد موقعًا استراتيجيًا مع مراقبة عالية.
3. تلة اللبونة التّي تبعد نحو 300 متر عن الحدود، وهي غابات كثيفة وتشرف على الأراضي اللبنانية والإسرائيلية.
4. تلة الحمامص قريبة من بلدة الخيام، ارتفاعها كبير جدًا، وتعد نقطة مراقبة مهمة.
5. جبل بلاط ، يقع بين راميا ومروحين، ويوفر إشرافًا على القطاع الغربي والأوسط من الحدود.
فما أهميّتها؟ هذه النّقاط تعد مواقع استراتيجيّة وتمنح إسرائيل القدرة على السّيطرة والمراقبة. هذا ما يجعل لبنان مكشوفًا تمامًا وبلد منزوع السّيادة، بالإضافة إلى أنّه غير قادر على الدّفاع عن نفسه وردع الإعتداءات المستمرّة. بالإضافة إلى هذه النّقاط الخمس المحتلّة، هناك مواقع أخرى في لبنان ما زال الجيش الإسرائلي متمركزًا فيها، هذا ما يمنع الجنوبيين من الوصول إلى أراضيهم.
ناهيك عن الشّروط التّي يفرضها المجتمع الدّولي على لبنان للسّماح بإعادة إعمار الجنوب.
غياب العرض العسكري
هذا أوّل عيد استقلال يحتفل به لبنان في عهد الرّئيس جوزاف عون. وعلى الرّغم من ذلك غاب العرض العسكري بسبب الأوضاع الأمنيّة غير المستقرّة، وهذا مؤشّر آخر على أنّ لبنان يستذكر استقلاله ب"غصّة". في كلمته يوم أمس لم يتثنّ للرّئيس أن يتحدّث عن إنجازات أو تطوّرات حقّقها لبنان، بل تحدّث عن الأزمات والأوجاع التّي يعيشها الشّعب اللّبناني خصوصًا في الضّاحية والجنوب، وتحدّث عن الخروقات الإسرائيليّة والمفاوضات مع إسرائيل لتحرير الأراضي المحتلّة.
إذًا ها هو لبنان يرفع الأعلام ويحتفل باستقلاله، بظل الخروقات التّي لا تتوقّف، يعلّم الأطفال ترداد النّشيد الوطني الذّي لم يحفظه معظم اللّبنانيين، يحتفل لبنان بالاستقلال في ظل الأوضاع الاقتصاديّة الصّعبة التّي تعاني منها البلاد منذ عام 2019 فعن أي إستقلال تتحدّثون؟
