في تحقيق ميداني عُرض على قناة الجديد ضمن برنامج «لقمة وطن»، كُشف الستار عن واقع خطير يتعلّق بسلامة المواد الغذائية الأساسية في مدينة طرابلس، حيث أظهرت جولة نفّذتها بلدية المدينة في سوق القمح وجود كميات كبيرة من الحبوب المصابة بالسوس والدود والحشرات، بعضها منتهي الصلاحية منذ أشهر، ويُباع بشكل علني من دون أي رادع.
كشفت المشاهد وجود أرز وعدس وفاصولياء وبرغل وسكّر ملوّثة بالحشرات، فيما بدت بعض الأكياس مفتوحة أو مخزّنة في ظروف غير صحية، ما يطرح علامات استفهام جدّية حول الرقابة وسلامة التخزين وسلسلة التوزيع الغذائية.
هذه المواد تحمل تواريخ صلاحية منتهية، فيما لا يحمل بعضها الآخر أي معلومات واضحة عن تاريخ الإنتاج أو انتهاء الصلاحية، رغم طرحه للبيع بأسعار متدنية، ما يدفع شريحة واسعة من الأهالي إلى شرائه من دون إدراك المخاطر الصحية الكامنة فيه.
والأخطر، بحسب ما وثّقه التحقيق، هو رصد مواد غذائية تعود لهبات ومساعدات مخصّصة للتوزيع المجاني، وتحمل عبارات صريحة مثل «ليس للبيع أو للتبادل»، قبل أن يجري تفريغها وإعادة بيعها في الأسواق بصورة علنية.
كما كشف التقرير عن شبكة توزيع متشعّبة، إذ تبيّن أن المنتجات نفسها تُباع في أكثر من مستودع ومحل، بعضها يرتبط بعلاقات قرابة أو شراكات غير مباشرة، ما يعكس وجود منظومة تستفيد من ضعف المحاسبة وتكرار المخالفات من دون رادع فعلي.
الصدمة الاكبر هي وجود سكّر مليء بالحشرات، وأرز يحتوي على يرقات حيّة، وفريك وحبوب مختلطة بالصراصير، وسط محاولات تبرير من بعض البائعين عبر الحديث عن "تعقيم" أو "غربلة"، في ممارسات لا تمتّ إلى معايير السلامة الغذائية بصلة.
ويضع هذا الواقع سلامة الغذاء في أمام تحدٍّ خطير، ويعيد فتح ملف الرقابة على الأسواق، وحجم الفساد في قطاع تخزين وتوزيع المواد الغذائية، فيما يبقى المواطن الحلقة الأضعف، يدفع ثمن الفقر وغياب المحاسبة معًا، وسط أسئلة مفتوحة حول من يحمي صحة الناس ولقمة عيشهم.
